تتمتع سلطنة عُمان بموقع جغرافي مثالي لإطلاق المركبات الفضائية، بفضل قربها من خط الاستواء، ما يقلل من استهلاك الوقود أثناء الإقلاع. كما تتيح إطلالتها على المحيط الهندي وبُعد مواقع الإطلاق عن المناطق المأهولة بيئةً آمنة وفعالة تجذب شركات الفضاء العالمية.
في هذا السياق، أكد صاحب السمو السيد عزان بن قيس آل سعيد، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “ناس كوم” وميناء “إطلاق”، أن سلطنة عُمان حققت إنجازًا إقليميًا بإطلاق أول مركبة فضائية “الدقم-1”، في خطوة تعكس طموح السلطنة في تمكين الوصول إلى الفضاء على مستوى عالمي.
وأوضح سموه أن ميناء “إطلاق”، الواقع على خط عرض 18 درجة، يُعد موقعًا مناسبًا لمهام الإطلاق المتنوعة، بما فيها المدار القطبي، والاستوائي، والمدارات المتزامنة مع الشمس والثابتة جغرافيًّا. وتوفر المنشأة بنية تحتية متكاملة وخدمات لوجستية متقدمة لمشغلي الإطلاق حول العالم.
كما تعمل الشركة على بناء القدرات العُمانية في مجالات الفضاء المتقدمة، دعمًا لرؤية عُمان في توطين المهارات وتعزيز القيمة المحلية المضافة.
وأشار إلى أن المخطط الرئيسي للميناء سيكون جاهزًا بحلول 2027، وقد أطلقت الشركة منذ عام 2024 برنامج “التكوين” الذي يتيح تنفيذ عمليات الإطلاق التجريبية في غضون 14 أسبوعًا فقط. ويشمل البرنامج تطوير مركبات شبه مدارية وتجريبية في تعاون دولي، كما يُبنى حاليًّا منصة إطلاق ثانية ومستودع مخصص لتجهيز المركبات الفضائية.
وباكتمال المشروع، سيضم ميناء “إطلاق” أربع منصات إطلاق تدعم مختلف أنواع المركبات الفضائية، من الصغيرة إلى الثقيلة القابلة لإعادة الاستخدام.
وأكد سموه أن عمليات الإطلاق تخضع لتجهيزات دقيقة تشمل اختبارات السلامة وتقييم الأحوال الجوية وتركيب أنظمة التتبع، بالإضافة إلى تنسيق كامل مع الجهات المختصة لتأمين المجالين الجوي والبحري، وتطبيق إجراءات بيئية صارمة ضمن “نافذة الإطلاق” المحددة.
كما أشار إلى أن تأجيل الإطلاقات أمر متوقع في هذا القطاع، ويُعد مؤشرًا على التزام الشركة الصارم بالسلامة والدقة.
وفي ما يخص المهام المستقبلية، تستعد الشركة لإطلاق مهمة “الدقم-2” عبر مركبة “كيا-1”، وهي مركبة شبه مدارية مكونة من مرحلتين صممتها شركة “ستالر كنتكس”، بهدف اختبار أنظمة فصل المراحل والتوجيه والوصول إلى ارتفاع 500 كيلومتر.
وقال الدكتور سعود بن حميد الشعيلي، مدير السياسات والحوكمة في وزارة النقل، إن مشروع الإطلاق الفضائي يُعد من أهم مشروعات الوزارة ضمن رؤيتها لجعل السلطنة بوابة إقليمية في قطاع الفضاء، وجذب الاستثمارات وتدريب الكفاءات الوطنية.
بدورها، أوضحت شركة “ستالر كنتكس” أن إطلاق “كيا-1” يمثّل خطوة أساسية نحو اختبار التقنيات الفضائية في فترة زمنية قصيرة، وتدعم المهمة حمولتين علميتين بمشاركة دولية.
كما أشار ييوان كارني من المجموعة الطلابية البريطانية إلى تجربة علمية يجري تنفيذها ضمن برنامج “جوبيتر” عبر قمر صناعي مصغر (كيوبسات) لالتقاط صور للأرض والفضاء.
وأوضح كيفن تشين، من شركة “سايت سبيس” في تايوان، أن كيوبساتًا آخر سيجري تجربة لقياس الضغط الهيكلي أثناء الإطلاق وجمع البيانات البيئية في الوقت الحقيقي.