انتقدت قطر يوم الأربعاء تحقيقًا أجراه جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، والذي زعم أن الأموال القطرية المحولة إلى غزة على مدى السنوات الماضية ساهمت في تعزيز قدرات حماس استعدادًا لهجوم السابع من أكتوبر 2023.
وأكدت الدوحة أن “أي مساعدات لم تُسلم أبدًا إلى الجناحين السياسي أو العسكري لحماس”، متهمة الشاباك بـ”جعل قطر كبش فداء” في تقريره عن الإخفاقات التي سبقت هجوم حماس.
وأشار الشاباك، ضمن عوامل أخرى، إلى سياسة إسرائيل طويلة الأمد في تسهيل تحويل الأموال القطرية إلى غزة الخاضعة لحكم حماس.
وتستضيف الدولة الخليجية، التي لا تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، بعض قادة حماس السياسيين منذ فترة طويلة.
وبحسب السياسة الرسمية، لم تكن المدفوعات القطرية إلى غزة مخصصة لتمويل تنظيم حماس نفسه، لكن بعض الأطراف شككت في كيفية استخدام هذه الأموال، حيث انتُقدت السياسة باعتبارها تتجاهل إمكانية استبدال الأموال، بحجة أن حماس، بعد إعفائها من تغطية المدفوعات الأساسية، يمكنها ببساطة تحويل مدخراتها لتمويل أنشطتها.
وتظل النتائج الكاملة لتحقيق الشاباك سرية، لكن ملخصًا وُزع على وسائل الإعلام أشار إلى عوامل مختلفة ساعدت حماس في تعزيز قوتها.
وذكر الملخص أنه بين عامي 2018 و2021، وافقت إسرائيل على تحويل الأموال القطرية “لدفع رواتب موظفي حماس نقدًا” وكذلك “تحويل مبالغ كبيرة من الأموال إلى العائلات المحتاجة”.
وأضاف الملخص لاحقًا أن “تدفق الأموال من قطر إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحماس” كان من بين العوامل التي ساهمت في تعزيز قوة الحركة.
ورفض بيان صادر عن المكتب الإعلامي الدولي لدولة قطر “الاتهامات الزائفة التي وجهها جهاز الأمن العام الإسرائيلي بربط المساعدات القطرية بهجوم السابع من أكتوبر”، واصفًا إياها بأنها “مثال آخر على التهرب من المسوؤلية المدفوع بالمصلحة الذاتية في السياسة الإسرائيلية”.
وأضاف البيان أن “قطر قدمت دعمًا إنسانيًا للعائلات في غزة على مدى سنوات عديدة”، بما في ذلك “الإمدادات الأساسية مثل الغذاء والدواء، بالإضافة إلى توفير الكهرباء لتشغيل المنازل”.
وأشارت الدوحة إلى أنه “من المعروف داخل إسرائيل وعلى المستوى الدولي أن جميع المساعدات القطرية إلى غزة تم تحويلها بعلم ودعم وإشراف كامل من الإدارات الإسرائيلية الحالية والسابقة وأجهزتها الأمنية – بما في ذلك الشاباك”.
وأكدت أنه “لم يتم تسليم أي مساعدات إلى الجناحين السياسي أو العسكري لحماس”، مضيفة أن الأموال المخصصة للعائلات تمت إدارتها عبر الأمم المتحدة “من خلال برامج وافقت عليها إسرائيل”.
وأضاف البيان: “في هذه المرحلة الحرجة، ينبغي على الشاباك والوكالات الأمنية الإسرائيلية الأخرى أن تركز على إنقاذ الرهائن المتبقين وإيجاد حل يضمن الأمن الإقليمي على المدى الطويل، بدلاً من اللجوء إلى أساليب التمويه مثل جعل قطر كبش فداء من أجل إطالة عمرها السياسي. الادعاءات بأن المساعدات القطرية ذهبت إلى حماس لا أساس لها من الصحة تمامًا، وتدل على أن مروجيها يسعون إلى إطالة أمد الحرب”.
وأكدت قطر أنها ستواصل لعب دور الوسيط بين إسرائيل وحماس رغم غضبها، “لإيمانها بأن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين”.
ويأتي هذا الجدل في الوقت الذي يحقق فيه الشاباك في صلات بين مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقطر، وسط مزاعم بأن المتحدث السابق باسم نتنياهو، إيلي فيلدشتاين، الذي وُجهت إليه تهمة الإضرار بالأمن القومي في قضية تتعلق بسرقة وتسريب وثائق عسكرية سرية، كان يعمل لصالح قطر عبر شركة دولية تعاقدت معها الدوحة لنشر أخبار مؤيدة لها في أوساط الصحفيين الإسرائيليين البارزين. ونفى رئيس الوزراء القطري الشهر الماضي علمه بتوظيف بلاده لأي من مساعدي نتنياهو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، لصحيفة تايمز أوف إسرائيل في مقابلة نادرة مع وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الأحد: “فيما يتعلق بالمساعدات القطرية إلى غزة، كنا واضحين وشفافين للغاية بشأن هذا الأمر منذ البداية. كل المساعدات التي دخلت غزة كانت تحت إشراف الحكومة الإسرائيلية، ولم يكن الأمر مرحبًا به فحسب، بل طُلب أيضًا من قبل الحكومة الإسرائيلية”.
وزعمت صحيفة يديعوت أحرونوت يوم الجمعة أن نتنياهو كان هو من بادر في الأصل بتحويل الأموال القطرية إلى غزة بعد إحباطه مبادرة سعودية لإعادة إعمار القطاع عقب حرب 2014 بين إسرائيل وحماس، وهي المبادرة التي كانت ستستبدل حماس بسلطة فلسطينية معاد هيكلتها.
وبحسب التقرير، سعى نتنياهو إلى تجنب سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، وفضّل أن تدعم قطر حكومة حماس بدلًا من أن ينتقل حكم غزة إلى الفصيل الفلسطيني الآخر.
ونفى مكتب نتنياهو هذا التقرير، الذي أشار أيضًا إلى أن بعض عناصر المجتمع الاستخباري حذروا من المدفوعات القطرية، وأن نفتالي بينيت، الذي تولى رئاسة الوزراء لفترة قصيرة بين 2021 و2022، أمر بوقفها، لكن نتنياهو، بعد عودته إلى منصبه، ألغى هذا القرار قبل تنفيذه.