في تحدٍ سافر للمجتمع الدولي، قال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، إن “القدس عاصمتنا الأبدية التي لن تقسم، وحان الوقت لاستيعاب الحاخامية في الضفة الغربية المحتلة بشكل كامل، واستبعاد فكرة تقسيم الأرض نهائيًا”.
وفي ظل إقبال عدد كبير من القادرة الأوروبيين على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أكد سموتريتش، في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام عبرية، أنه لن يكون لـ “القادة المنافقين في أوروبا” ما يعترفون به بحلول شهر سبتمبر 2025، مشيرًا إلى أن مستقبل دولة إسرائيل لا يعتمد على غير اليهود بل على اليهود، بحسب ما نقلته “القاهرة الإخبارية”.
وأضاف: “أعتقد أننا قريبون جدًا من إعلان تاريخي للسيادة في الضفة الغربية المحتلة”.
كما وجّه الوزير المتطرف رسالةً إلى المجتمع الدولي، قائلًا “هذه رسالة إلى دول العالم، أولئك الذين يحاولون الاعتراف بدولة فلسطينية سيتلقون منا ردًا على أرض الواقع. ليس في وثائق أو بيانات، بل في وقائع المنازل والأحياء والطرق والعائلات اليهودية الأخرى التي تبني حياتها. سيتحدثون عن الحلم الفلسطيني الزائف، وسنواصل بناء واقع يهودي. هذا واقع يدفن أخيرًا فكرة الدولة الفلسطينية التي لا تملك ما تعترف به”.
وتقول صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن هذه الرسالة الحادة من قبل وزير المالية الإسرائيلي ليس موجهة فقط للدول الأوروبية، بل أيضًا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أكد سموتريتش أنه يخوض معه نقاشًا حادًا حول القضاء على حماس.
وكان وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، الذي يشغل أيضًا منصبًا في وزارة الدفاع مسؤولاً عن شؤون الاستيطان، قد أعلن عن المصادقة على بناء 3,401 وحدة سكنية استيطانية في منطقة E1 الواقعة بين مستوطنة معاليه أدوميم ومدينة القدس ضمن مخططه الزعوم لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة.
المخطط المزعوم الذي أعلن عنه سموتريتش يشمل محورين أساسيين، أولًا توسيع مستوطنة معاليه أدوميم عبر مشروع E1 سيتم بناء أكثر من 3,400 وحدة سكنية، مما يربط المستوطنة مباشرة بالقدس الشرقية، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
وستؤدي هذه الخطوة، إلى قطع التواصل الجغرافي بين شمال وجنوب الضفة الغربية المحتلة، ما يجعل إقامة دولة فلسطينية متصلة الأراضي أمرًا شبه مستحيل.
وبحسب الصحيفة العبرية، فإن الخطوة الثانية تتمثل في إضافة حي استيطاني جديد باسم “تسيبور ميدبار” وسيضم 3,515 وحدة سكنية إضافية، ما يشكل أكبر توسع للمستوطنات في المنطقة منذ سنوات.
وتُمثل الوحدات السكنية البالغ عددها 3401 وحدة في معاليه أدوميم زيادةً بنحو 33% في مخزون المساكن بالمستوطنة، وهو توسعٌ هائلٌ لمستوطنةٍ ظلّ عدد سكانها ثابتًا عند حوالي 38 ألف نسمة خلال العقد الماضي، وشهدت هجرةً خارجيةً صافية.
وتُطرح العطاءات لبناء حيٍّ كبيرٍ يربط المنطقة العمرانية في معاليه أدوميم بالمنطقة الصناعية الواقعة شرقها، وفقًا لحركة “السلام الآن” الإسرائيلية المناهضة للاستيطان.
ووصف سموتريتش مخططه المزعوم بأنه “المسمار الأخير في نعش فكرة الدولة الفلسطينية”، مؤكدًا أن الخطوة جزء مما أسماه “خطة السيادة الفعلية” التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية لترسيخ سيطرتها على الضفة الغربية، بحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”.
وقال في مؤتمره الصحفي: “بعد عقود من التجميد تحت ضغط المجتمع الدولي، نربط معاليه أدوميم بالقدس. هذه هي الصهيونية في أفضل صورها. بناء واستيطان وتعزيز السيادة”.
ورغم أن الخطة لم تُعتمد رسميًا بعد، إلا أنها لاقت ترحيبًا من القادة المحليين. ووصفها يسرائيل جانتس، رئيس مجلس بنيامين الإقليمي، بأنها “إنجاز تاريخي للمشروع الاستيطاني في طريقه لبسط السيادة”.
وتم إنشاء مجلس بنيامين الإقليمي في وسط الضفة الغربية المحتلة عام 1980، بهدف تقديم خدمات لجميع البؤر الاستيطانية التي يتم إنشاؤها على أنقاض منازل الفلسطينيين، ويعتبر أكبر مجلس إقليمي داخل إسرائيل.
وصرح رئيس بلدية مستوطنة معاليه أدوميم بأن الحي الجديد سيُحبط المساعي الفلسطينية لتطويق المنطقة من خلال البناء غير القانوني، وفق الموقع العبري.
وفي السياق ذاته، أشاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهذه الخطوة، وقال إنها من شأنها أن تقلل من الازدحام على الطريق بين تل أبيب ومستوطنة معاليه أدوميم، وتعزز البناء الإسرائيلي في منطقة E1.
وبعد إقدام عدد من الدول الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تقول صحيفة يديعوت أحرونوت إنه في حال تنفيذه، سيُوجه بناء المنطقة E1 رسالةً واضحةً إلى الدول التي اعترفت مؤخرًا بالدولة الفلسطينية أو أبدت دعمها لها.
وشكر سموتريتش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسفير مايك هاكابي على دعمهما، وقال إنهما “رجلان صادقان يتمتعان بصوت أخلاقي واضح ومميز لا يتأثر بنفاق الغرب”، مؤكدا أنهما يدركان أن “الدولة الفلسطينية من شأنها أن تعرض وجود إسرائيل للخطر” وأن الضفة الغربية “جزء لا يتجزأ من أرضنا”.
وتنطلق الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأم المتحدة، 24 سبتمبر المقبل، وتستمر لمدة ستة أيام، إذ تعتزم دول عدة الاعتراف بدولة فلسطين خلال انعقاد فعاليات الدورة المقبلة.
وأعادت الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة، إحياء المساعي الرامية إلى الاعتراف بدولة فلسطين. ففي عام 2024، اتخذت 5 دول هذه الخطوة، أربع منها من منطقة الكاريبي جامايكا، وترينيداد، وتوباجو، وبربادوس، والبهاماس، إضافة إلى أرمينيا.
وكذلك فعلت 4 دول أوروبية هي النرويج، وإسبانيا، وأيرلندا، وسلوفينيا، وجميعها باستثناء النرويج أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وكانت السويد الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي، التي اعترفت بدولة فلسطين في 2014.
أما بولندا، وبلغاريا، ورومانيا، فاعترفت بدولة فلسطين منذ 1988، أي قبل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، لا تعترف بعض دول أوروبا الشرقية، مثل المجر، وتشيكيا بدولة فلسطين.
كما أكدت دول أخرى بينها فنلندا والبرتغال، أواخر يوليو، رغبتها في الاعتراف بدولة فلسطين أو في “تعامل إيجابي” مع هذا التوجه.