تكريمًا لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/، أقام جلالةُ الملكِ فيليب ليوبولد لويس ماري ملك البلجيكيين وقرينتُه جلالةُ الملكةِ ماتيلد ماري كريستين غيسلاين ملكة البلجيكيين مساء يوم الثلاثاء مأدبة عشاء رسميّةً على شرف جلالةِ السُّلطان المعظم بقلعة لاكن الملكية.
وقُبيل المأدبة، صافح الوفدُ الرسميُّ المرافقُ لجلالةِ السُّلطان المعظم جلالةَ ملكِ البلجيكيين وملكةِ البلجيكيين، فيما صافح الجانبُ البلجيكيُّ جلالةَ السُّلطان المعظّم، ثمّ عُزف السّلامُ الملكيُّ البلجيكيُّ والسّلامُ السُّلطانيُّ العُماني، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العُمانية.
بعدها تفضّل سُلطان البلاد المفدّى /أعزّهُ اللهُ/ وألقى كلمةً ساميةً بهذه المناسبة فيما يأتي نصُّها:
//جلالة الملك وجلالة الملكة،
يسعدُنا أن نزور بلدكم العظيم، وأن نكون معكم هنا في بروكسل الجميلة. نشعرُ بالفخر الكبير والرضا التامّ ونُعرب عن امتناننا الصّادق للحوار البنّاء والعميق، فضلًا عن المشاورات الشاملة والمُثمرة التي حظينا بشرف المشاركة فيها مع جلالتِكم ورئيس الوزراء اليوم.
لقد عكست هذه المُناقشات روح التّعاون والتّفاهم المُتبادل، مما يمهّد الطريق لتحقيق تقدّم ملموس ويلبّي التطلّعات المشتركة.
إن العلاقات المتجذّرة بين بلديْنا ليست قويّة فحسب بل هي راسخة، وقد تعزّزت هذه العلاقات وتستمر في الازدهار من خلال الزيارات رفيعة المستوى، أبرزها زيارة جلالتِكم إلى عُمان في شهر فبراير 2022.
كانت هذه الزيارة علامةً فارقةً في علاقاتنا حيثُ شهدت الافتتاح الرسميّ لميناء الدقم والاحتفال بإطلاق مشروع هايبورت الدقم لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الميناء الذي يرمز إلى عصر جديد من التعاون والتنمية المستدامة.
بشكلٍ أو بآخر، يبدو الأمر كما لو أنّ أسابيع معدودة فقط قد مرّت منذ زيارتكم الأخيرة.
ولكن عندما نتمعّن في كلّ ما تم إنجازه، نشعر بسعادة حقيقيّة لأنّ مثل هذا التقدّم الكبير تم تحقيقه خلال العامين الماضيين فقط.
ومنذ ذلك الحين، لم يشهد تعاونُنا السياسيّ والثقافيّ والاقتصاديّ نموًّا فحسب، بل تطوّرَ أيضًا إلى شراكة قويّة تعزّز التفاهم والاحترام المتبادليْن.
لقد أصبحت بلجيكا الآن ثاني أكبر شريك تجاريٍّ لسلطنة عُمان في الاتحاد الأوروبي، وتستمر التجارة الثُّنائية بيننا في التوسّع.
ومن خلال الجهود والالتزام بالأهداف المشتركة، قُمنا ببناء علاقة ديناميكيّة تستمرّ في الازدهار والتكيّف مع التحدّيات والفرص التي يشهدها العصر الحالي.
إن أوضح دليل على إنجازاتنا يتجلّى في ميناء الدقم والمنطقة الاقتصادية الخاصّة بالدقم اللذين شهدا تحوّلًا جذريًّا منذ الشراكة الأولى مع ميناء أنتويرب في عام 2010. والواقع أن الدّقم قد ازدهرت منذ ذلك الحين، من حيث الابتكار والبنية الأساسية والاتّصال.
وفي المستقبل، نأملُ أن يمكّننا التزامُنا المشترك بالعُرف والمعايير الدولية من التغلب معًا على التحدّيات العالميّة، بدءًا من الأزمات الإنسانيّة إلى تغيّر المناخ وتعزيز القانون الدّولي.
جلالة الملك وجلالة الملكة، في النهاية، لا يسعُنا إلّا أن نُعرب عن تقديرنا العميق وتقدير سلطنة عُمان لبلجيكا التي تعتبرها صديقًا عزيزًا.
نشكركُم على حُسن ضيافتكم، وعلى الدّعم الذي قدّمتمُوه لسلطنة عُمان خلال هذه الزيارة ومسيرة الصداقة المزدهرة.
ونأملُ أن نحظى قريبًا بشرف التّرحيب بجلالةِ الملك وجلالةِ الملكة مرّة أخرى في مسقط لمواصلة الاحتفال بالتقدّم الذي أحرزتُه شراكتُنا.
شكرًا …جلالةَ الملك وجلالةَ الملكة//
من جانبه رحّب جلالةُ ملك البلجيكيين بالزيارة السّامية لجلالةِ السُّلطان المعظم مؤكدًا على أنّ البلدين تربطهما علاقاتٌ تاريخيّةٌ واقتصاديّةٌ ودبلوماسيّةٌ قويّةٌ، ويتطلّعان إلى تطويرها ومواصلة البناء في مجالات أخرى ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك الابتكار والدّفاع وصناعة الفضاء والصحة والتبادل الأكاديميّ والثقافيّ.
ووصف جلالتُه سلطنة عُمان في كلمته بـأنها “مهندسُ السّلام” و”ملاذٌ للاستقرار” وأنها تعمل دائمًا على تعزيز التوافق والتسامح والحوار، مُعربًا عن شكره وتقديره لجلالةِ السُّلطان المعظم للوساطة المتميّزة والفعّالة للإفراج عن أحد المواطنين البلجيكيين، مضيفًا أن “سلطنة عُمان تشكّل نموذجًا للتعايش والانسجام المجتمعي ومصدر إلهام للجميع في هذه الأوقات الصعبة بشكل خاصّ.
وأكّد جلالتُه على أن زيارته سلطنة عُمان في فبراير 2022 عززت العلاقات الاقتصاديّة والدبلوماسيّة بين البلدين، مُعربًا عن سعادته باستمرار الشراكة الاستراتيجية التي تم تشكيلها قبل ما يقارب من عشر سنوات مع ميناء الدقم بين مجموعة أسياد واتحاد ميناء أنتويرب والاتفاقية بين مجموعة ديمي البلجيكية ومجموعة أوكيو لتطوير الهيدروجين الأخضر، لافتًا إلى أن هذين المشروعين الرئيسين هما ثمار شراكة طموحة ومبتكرة بين بلجيكا وسلطنة عُمان وأن الموقع الاستراتيجي لميناء الدقم ليصبح مركزًا عالميًّا للطاقة يجعله مفترق طرق أساسيًّا للتجارة بين أوروبا وآسيا.
وقال جلالتُه إنه مع أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر من الساحل تتمتع سلطنة عُمان بموقع استراتيجي يربط بين الشرق والغرب. وعلى مدى قرون، تحدّى العُمانيون البحار لتطوير الروابط التجارية حتى في أبعد الأماكن. وهذا يؤكد على مدى أهمية التبادلات الثقافيّة والتجاريّة مع بقية العالم وما زالت كذلك. وكانت هذه البيئة الفريدة بين البحار والجبال ومساحات شاسعة من الصحراء مهدًا لازدهار ثقافة مُسالمة، متجذّرة بعمق في الضيافة واحترام التقاليد.
وقال جلالةُ الملك إن التحديات العالميّة التي نواجهها اليوم، سواء في القارة الأوروبية أو في الشرق الأوسط، تدفع إلى تعزيز علاقات البلدين الصديقين أكثر من أي وقت مضى، لافتًا إلى أن مملكة بلجيكا وسلطنة عُمان تحترمان القانون الدولي للحفاظ على الاستقرار العالمي.
حضر مأدبة العشاء الوفدُ الرسميُّ المرافق لجلالتِه، فيما حضرها من الجانب البلجيكي عددٌ من كبار المسؤولين بمملكة بلجيكا، وقد تخلّل مأدبة العشاء عزفُ مقطوعات موسيقيّة.